الأسباب المميزة لنجاح “إيلون ماسك”
لن نتطرق في هذا المقال إلى ذكر الأسباب التقليدية لنجاح أحد أغنى رجال التاريخ، والتي تتكرر على مسامعنا باستمرار واستُهلكت بما يكفي في محاضرات النجاح والتنمية البشرية، بل سنتطرق إلى الأسباب المميزة لنجاح “إيلون ماسك” في استثمارات مميزة لم يرغب بها غيره من المستثمرين لكن ماسك قلب التوقعات ونجح بها نجاحاً جامحاً، كالسيارات الكهربائية، البرمجة العصبية، اول شركة للدفع الإلكتروني، الانترنت الفضائي وبناء مستعمرات للإنسان في المريخ وغيرها من المشاريع التي قادها ماسك نحو النجاح الباهر.
المهارة والجهد بحاجة لدعم عوامل إضافية
هناك العديد من الأذكياء وأصحاب المهارات والجهود المبذولة التي لم ترقى لمستوى النجاح، هذا ما يدفعنا إلى النظر للأسباب المميزة التي تقود نحو الأهداف، وهذا فعلاً ما يمتلكه ماسك من سمات ذهبية يقوم بتجسديها أثناء خوضه للمشاريع، ليس من الصعب على الجميع أن يتبناها في السلوك المهني. فما أسباب نجاح الرجل الأغنى في العالم:
- التغلب على الخوف من الرفض وسماع كلمة “لا”
وهي فلسفة الإصرار لدى “ماسك”, وأفضل ما لدى ماسك من مثال عملي لتوضيح الفكرة هو ما تكلّمت عنه زوجته الأولى خلال فترة دراسته الجامعية وذلك عند حصوله على علامة 98% في إحدى المواد، وكون ماسك منشد للكمال بدت له العلامة التي حصل عليها بعيدة 2% عن الكمال، وهو ما يجعلنا نتساءل بتعجب عن عدم رضاه عن هذه العلامة العالية وأن الفارق عن المئة لن يغيّر شيء، لكن هذا بالضبط ما لم يرضى ويتنازل عنه ماسك أبداً، حيث تحدث مع استاذه مروراً بمواقف محرجة في الجامعة وبالرفض القاطع. ورغم الرفض الشديد ناقش ماسك أستاذه ضمن محادثة صعبة حتى استطاع أن يقنعه بأحقيته بالعلامة التامة، وقد نالها فعلاً.
وهنا تكمن سر حكمة “ماسك” بالتغلب على الخوف من الرفض وتجاوز رهبة المواجهة حتى في حال التأكد من أنه سيتم رفضها، لكن الفرص ستأتي بالإصرار المستمر وعدم اعتبار سماع كلمة “لا” وعملية الرفض عائق في طريقنا، فكم من فرص تضيع فقط بسبب خوفنا من الرفض الذي يعتبره ماسك لا يساوي أية شيء فيما نهدف إليه.
- التركيز الحاد التام لا يؤثر به أي تشتيت
يتقن “ماسك” فن الحفاظ على التركيز الموجه، كأشعة الليزر الحادة لا يكسرها شيء. فعندما يخوض ماسك مشروعه يوجه طاقة تفكيره بالكامل في المهمة التي بين يديه نحو إتمام هدفه بنجاح المشروع بدون أن يتم تشتيته بأية مهام شاقة غير ما يصبو إليه، ويحكى بأن ماسك في بداياته كان يقضي الأيام وينام تحت مكتبه ويعمل حتى 80 ساعة في الأسبوع في حال وجود مشكله ما تتعلق بمشروعه حتى يتم حل المشكلة واستمرار هدفه المنشود. وهي الحالة التي تدعى “حالة التدفق” أو “Flow State” وهي حالة عقلية ينغمس فيها الشخص الذي يؤدي نشاطاً ما للتركيز الكامل والاستمتاع بأداء المهمة الحالية، مع إمكانية أداء مهام أخرى أقل أهمية بدون تشتيت الانتباه للمهمة الحالية وهذا ما يمكن تحقيقه بالشغف وحب ما نفعله وهو السبب التالي لنجاح هذا التنين العصري.
- جودة العمل التي تتغذى على الشغف وحب ما نفعله
وهو ما يساعد “ماسك” على إصراره وتركيزه المطلق في مشروعه الذي بين يديه. حيث يُقحم “ماسك” شعوره بأنه يفعل ما يحب، وشغفه في حالة أنه يحب ما يفعل فهي ليست حالة من العمل والواجب بقدر ماهي حالة من الحماس والاستمتاع بما يقوم به، وهذا ما يجعله قادراً على تحمل ساعات طويله في سبيل أداء المهمات بنجاح.
- الفكرة الكبيرة مصدرها اتحاد الأفكار الصغيرة
حيث يأتي ماسك بأفكاره العظيمة من خلال التفكير والإجابة على الأسئلة الصغيرة، ولتوضيح طريقة “ماسك” الرائعة هذه لنأخذ على سبيل المثال السؤال: كيف يكون التنقل في المدن أسرع؟
الإجابات الصغيرة تشكل مشروع كبير، كالتالي:
- بناء سكة حديد.
- سكة حديد كهربائية.
- سكة حديد كهربائية فائقة السرعة.
- سكة حديد كهربائية فائقة السرعة تمر عبر نفق.
- سكة حديد كهربائية فائقة السرعة تمر عبر نفق ضخم تعبر داخل الجبال.
وهكذا لحين الحصول على فكرة كبيرة وعظيمة من عدة أفكار صغيرة، أكبر مثال على ذلك في مشاريع ماسك هو:
- انترنت.
- انترنت عبر شبكة لاسلكية.
- انترنت عبر شبكة لاسلكية تغطي كوكب الأرض.
- انترنت عبر شبكة لاسلكية تغطي كوكب الأرض عبر أقمار صناعية.
- انترنت عبر شبكة لاسلكية تغطي كوكب الأرض عبر أقمار صناعية يمكن أن تتصل بالفضاء في المستقبل.
وعلى هذا النحو حتى نفذ ماسك هذه الفكرة العظيمة عبر إطلاق مجموعة من الأقمار الصناعية تبثّ الانترنت عبر شركة “سبيس إكس” التابعة لماسك.
- الصحة والقوة الجسدية
لا تعني القوة الجسدية هنا بالضرورة القدرة على العراك أو القتال، بل القوة الجسدية الناتجة عن الصحة الجيدة والعناية بها، وهي جوهر التحمل والإصرار لدى “ماسك” فالصحة الجيدة تنعكس ولا بدّ على قوة العقل والتركيز، والعمل الطويل والجهود الموجهة نحو هدف ما.
وفي الختام، لا يسعنا إلا أن نفكّر في أن نتبنى ما أمكن من أسباب نجاح “إيلون ماسك” في استثماراته وشركاته المتنوعة والعديدة، التي كان لها الصدى القوي في الأوساط العلمية والمالية على حد سواء، وهذا التنوع في النجاحات لشركاته الضخمة والراسخة كان بسبب ما يمتلك “ماسك” من الشجاعة، الإصرار، التركيز، الأفكار العظيمة وأخيراً القوّة العقلية والصحة الجسدية. ولكن بالتأكيد هذا ليس آخر ما نعرفه عن هذا الرجل الناجح المثير للفضول.